Interconnected in Culture for a Stronger Ecosystem

معًا نؤدي عروضنا الجوالة في أنحاء لبنان

بقلم رولا قبيسي 3 / 1 / 2024

معًا نؤدي عروضنا الجوالة في أنحاء لبنان

انطلق مشروع التشبيك للتواصل الثقافي بناء على أمنية شاعرية، واجتماعية سياسية، وفنية بسيطة: هي القيام بجولات تضم عروض مسرح ورقص وتهريج وموسيقى وما شابه ذلك، حول جميع المناطق اللبنانية. 

فيما نعيش نحن في بلد صغير على ضفاف البحر المتوسط، بلد ذاق ويلات الحرب الأهلية وخاض في اضطرابات -هذا إن لم نقل عواصف- اقليمية مؤلمة. وبحكم كل هذا كنا كشعب معزولين لسنوات في مناطقنا وأحيائنا وقرانا، وأصبحت مساحات اللقاء فيما بيننا حول أوجه الشبه أو الاختلاف أمر يزداد صعوبة مع مرور الزمن. 

ويعود ذلك لندرة الأماكن العامة وافتقار الحكومة لأي رؤية أو برنامج أو حتى سياسية لإتاحة الفن والثقافة لجميع المواطنين بشكل جدي خارج إطار مركزية العاصمة. إضافة للانهيار الاقتصادي والسياسي الكامل منذ عام ٢٠١٩ الذي زاد الأمر سوءًا.

وفي ظل هذه الظروف شكلت المؤسسات الثلاثة يزن، ويرقة، وكلاون مي إن، تحالف قاموا من خلاله بالتقديم لبرنامج ثقافة داير ما يدور الممول من الاتحاد الأوروبي.

تدور فكرة البرنامج حول إيجاد طريقة للقيام بعروض تجول جميع أنحاء البلاد، بناء على جهود وموارد مشتركة، والاستفادة من فريق تنفيذي مشترك، سعيًا لتطوير أساليب تبادل الأفكار والتنسيق الفني فيما بيننا لتحقيق ذلك.

قررنا عمل ثلاثة عروض جوالة تجريبية، وبالتوازي، إجراء بحثا وتسجيل البيانات حول مناطق مختلفة سواء من الخبرة المباشرة أثناء قيامنا بالعروض الجوالة هناك أو من خلال مقارنة المعلومات فيما بيننا. وبعد ذلك وضع كل ما جمعناه من معلومات على موقع إلكتروني مفتوح للمساهمة، يكون متاحًا لأي مؤسسة أو مجموعة أو فرد سواء على الصعيد المحلي أو الدولي للاستفادة منه في حالة الاهتمام بعمل عروض جوالة مختلفة في أنحاء البلد.

مثلا في حال رغبة فنان ما بتقديم عرض في مدينة زحلة في منطقة البقاع، تتيح المعلومات أجوبة لأسئلة مثل، ما هي المساحات المتاحة لذلك؟ توفر مساحات داخلية أو في الهواء الطلق؟ من هم الأشخاص المعنيين للاتصال بهم لغايات التنسيق؟ من أين يمكن استئجار معدات أو كراسي؟ كيف يعلنون عن عرضهم وما هي طريقة التواصل الأمثل بالنسبة لأهل المكان؟ هل هناك فنانين في المنطقة من الممكن الاتصال بهم والتعاون معهم؟ ما هي الخيارات المتاحة للإقامة و الغذاء بأسعار مقبولة؟ وعلى هذا القبيل.

شكلنا فريقًا وبدأنا ببحثنا الميداني للإجابة على هذه الأسئلة، وقد تم بالفعل التخطيط لجولة عروضنا الأولى في منطقة البقاع، وتحديدا في كل من بعلبك وزحلة وعنجر ورياق. ليتاح لفرقنا، حوالي ٣٠ شخص من الفنيين والمنسقين والفنانين، أن يلتقوا ببعضهم البعض، ويسافروا بسهولة من مدينة إلى أخرى حيث يتشاركون الخبرات والتجارب والمشاعر حول العروض والنشاطات على مدار ثلاثة أو أربعة أيام.

كان جليًا من البداية أن لبرنامج التشبيك للتواصل الثقافي أدوارًا أبعد من مد جسور الثقافة عبر المناطق، أحد هذه الأدوار هو تمكين الفنانين اللبنانيين من خلال توفير فرص العمل والخبرة المهنية على نطاق أوسع. وكان هناك دور آخر يتمثل في تزويد المناطق (المدن والقرى) بالتجربة الثقافية التي تفتقر إليها عادة، حيث أن التجول مع الفنون المسرحية باهظ الثمن ونادر. ولكننا كنا نبحث أيضًا عن طرق لتمكين الأهالي المحليين اقتصاديًا وسياحيًا من خلال التعاون معهم لتقديم الخدمات أو الأعمال التجارية أو معلومات التواصل. وكانت الفكرة في بعض الأحيان هي وضع مناطق صغيرة تم تهميشها على الخريطة الثقافية، إضافة إلى الجانب السياحي. ولهذا الغرض قمنا بالتنسيق والتعاون خلال الجولات مع منظميين للجولات السياحية الذين بدورهم أدرجوا عروضنا في برنامجهم السياحي، مما يوفر للزوار من العاصمة أو المناطق الأخرى تجربة إضافية فريدة خلال الزيارة.

في صيف ٢٠٢٢ كانت أثار إنفجار بيروت لا تزال بادية على وجوه الجميع، فالمدينة لم تتعافى مما حدث ولا نحن أيضًا. ولا ننسى أبدًا كمجموعة كبيرة مسافرة، كيف خففت عن قلوبنا طرق البقاع الممتدة والسهول الواسعة ومحاصيل الحقول عروض المساحات العامة في عنجرة ومعابد بعلبك والأماكن الساحرة في زحلة، لقد التقينا هناك بجمهور رائع عطش لرؤية عروضنا الراقصة أو المسرحية أو مهرجينا في بلداتهم بعد سنوات كانت ثقيلة بالخسارات .

جدير بالذكر أن بعض أعضاء الفريق لم يسبق لهم زيارة معبد بعلبك، والبعض لم يذهب أبدًا الى زحلة أو عنجر من قبل، فبعض أعضاء الفريق من الجنوب والبعض الأخر من الشمال أو كسروان، وحتى بعض الفنانين من أهالي البقاع ولم يكن قد خطر في بالهم التنقل في مساحاتهم وزيارة مدنهم، كنا فخورين حقا بجمعنا هذا الفريق متعدد الخلفيات والخبرات والمناطق حول تجربة فنية حياتية مشتركة.

قمنا في العام التالي بجولة عروض في مدينة طرابلس شمال لبنان، ثاني أكبر مدن لبنان، إضافة إلى إقليم الكورة (مدينتي أميون وأنفة) كانت التجارب مختلفة في كل مدينة وكان جزء من مسعانا هو الاختبار والتكيف مع المواقف المختلفة التي واجهتنا: عروض داخلية أو في الهواء الطلق، توفر المرافق والمعدات أو عدم توفرها، تعاون البلدية أو انعدام التعاون، بالإضافة إلى مشاركة الجمهور، مدى اهتمام الشركاء، وتعاونهم. ووسط كل هذه الاختلافات، كان يقيننا بضرورة وجودنا يزداد حيث أن الأمر المشترك في كل المناطق هو ردة فعل الجمهور التي أرضتنا كثيرًا.

بعد جولة العروض في الشمال، كنا ننوي القيام بجولة عروض في الجنوب، وبالفعل انطلق الباحث الميداني لجمع المعلومات ووضع خريطة التحرك ولكن ذلك توقف ببدء مشاكل مخيم عين الحلوة. كان علينا أن نغير وجهتنا إلى منطقة المتن، حيث قمنا بجولة عروض في المتن والمروج والفريكة وقرنة شهوان، ومع أن هذه الأماكن قريبة من العاصمة ولكنها أماكن مجهولة بشكل كامل لجزء كبير من الفريق المنسقين منهم أو الفنانين.

أصبح لدينا في نهاية الجولات ما يكفي من الخبرة في إدارة هذا البرنامج وتقاسم المهام وأعبائها، وبنينا العديد من الشراكات المحلية، لكن هذه المعرفة مصحوبة برهبة وتشوق للتجارب الجديدة فلكل مكان ومدينة خصوصية وتحديات وسحر وجمال.

انتهت هذه الرحلة بعد تجوالنا في حزيران ٢٠٢٣ في شمال لبنان وفي أيلول ٢٠٢٣ في المتن، وانتهى عقدنا مع برنامج ثقافة داير ما يدور في تشرين الأول. خضنا خلال المشروع رحلة غنية برفقة المرشدة الرائعة تارا هيميز (Tara Hemez) واستفدنا من ورشة العمل التي انعقدت في برلين حول آليات التعاون الأفقي ومن الاستشارة المقدمة من MitOst، إضافة الى الدعم المالي المخصص لتوظيف الخبرات اللازمة لخدمة مؤسساتنا، وبالتالي فرصة تحقيق هذه الرغبة البسيطة بكسر مركزية العاصمة في عروض الأداء والفنون.

نقوم الآن بتوثيق وعرض أعمالنا التي حققناها على مدار العامين الماضيين على موقعنا الإلكتروني، إضافة إلى قاعدة بيانات مفتوحة للراغبين بأداء العروض، آملين أن نجد مناحٍ أخرى لتساعدنا على مد المزيد من الجسور الثقافية عبر المناطق اللبنانية.

وجدير بالذكر أن بعض أعضاء الفريق لم يسبق لهم زيارة معبد بعلبك، ولم يذهب البعض من قبل الى زحلة أو عنجر، حيث يأتي هؤلاء الشبان من الجنوب ومن الشمال وكسروان، وحتى أن بعضهم من أهالي البقاع، لكن لم تتح لهم فرصة التنقل من قبل. وكنا فخورين حقا بجمعنا هذا الفريق متعدد الخلفيات والخبرات والمناطق حول تجربة فنية حياتية مشتركة.

قمنا بعد أشهر قليلة بجولة عروض في مدينة طرابلس شمال لبنان، وهي ثاني أكبر مدن لبنان، إضافة إلى إقليم الكورة (مدينتي أميون وأنفة)، واختلفت التجارب مع اختلاف المدن. وكان جزءًا من مسعانا هو البحث في مختلف الظروف التي قد نواجهها خلال العروض والتأقلم معها، مثل: العرض في الداخل أو في الهواء الطلق، توفر المرافق والمعدات أو عدم توفرها، تعاون البلدية أو غيابه، إضافةً إلى مشاركة الجمهور ومدى اهتمام الشركاء وتعاونهم.. إلخ.

ووسط كل هذه الاختلافات، كان يقيننا بضرورة وجودنا يزداد حيث أن الأمر المشترك في كل تلك المناطق هو ردة فعل الجمهور المرضية.

بعد جولة العروض في الشمال، كنا ننوي القيام بجولة عروض في الجنوب، وبالفعل انطلق الباحث الميداني لجمع المعلومات ووضع خريطة للتحرك في المنطقة… ولكن ذلك توقف مع بدء الاشتباك المسلح في مخيم عين الحلوة. كان علينا في تلك اللحظة أن نغير وجهتنا لتكون إلى منطقة المتن، وقمنا بجولة عروض في المتن والمروج والفريكة وقرنة شهوان، ومع أن هذه الأماكن أقرب إلى العاصمة، لكن كانت مجهولة تمامًا لجزء كبير من الفريق.

حينها، كان لدينا ما يكفي من الخبرة في إدارة برنامجنا وتقسيم مهامه وأعبائها في ما بيننا، وخبرة لتأسيس شراكات محلية، وبينما لا زلنا مذهولين من هذه المعرفة الجديدة، كانت لكل بلدة نكهتها وتحدياتها وسحرها الخاصّة.

انتهت هذه الرحلة بعد تجوالنا في حزيران ٢٠٢٣ في شمال لبنان وفي أيلول ٢٠٢٣ في المتن، وانتهى عقدنا مع برنامج ثقافة داير ما يدور في تشرين الأول. خضنا خلال المشروع رحلة غنية برفقة المرشدة الرائعة تارا هيميز (Tara Hemez) واستفدنا من ورشة العمل التي انعقدت في برلين حول آليات التعاون الأفقي ومن الاستشارة الخاصّة المقدمة من MitOst، إضافة الى الدعم المالي المخصص لتوظيف الخبرات اللازمة لخدمة مؤسساتنا، وبالتالي فرصة تحقيق هذه الرغبة البسيطة بكسر مركزية فنون الأداء.

نقوم الآن بتوثيق وعرض الأعمال التي حققناها على مدار عامين على موقعنا الإلكتروني، إضافة إلى قاعدة بيانات مفتوحة، آملين أن نواصل رحلتنا بالتزامن مع بناء مجتمع متنامي من المؤديين والكيانات الثقافية وأولئك المهتمين بتوسيع نطاقاتهم المهنيّة والاقتصاديّة والفنيّة.

Related Stories

الفن الرقمي والإتاحة والاحتياجات الخاصّة

الفن الرقمي والإتاحة والاحتياجات الخاصّة

سهى خفش

نجح برنامج ثقافة داير ما يدور في جمع ثلاثة لاعبين في القطاع الثقافي في فلسطين، حيث ساهم كل منهم بخبراته....

بقعة أمل

بقعة أمل

تحالف الفن يجمعنا

تمثل قصتنا فرصة فريدة لنعبر عن أهمية مشاركتنا في هذا التحالف الثقافي، الذي يبني ويكمّل ما بدأناه منذ سنوات عديدة.....