وضعَ التعاون بين مسرح وسينماتك القصبة، ومسرح عناد، ومدرسة السيرك الصغير، ومؤسسات أخرى، بدعم من برنامج ثقافة داير مايدور، معيارًا جديدًا في القطاع الثقافي. فإن تشكيل شبكة وتحالف وطني يعد قفزة هامة في توسيع نطاق وأثر وانتشار العمل الثقافي. لم تعزز هذه المبادرة البيئة الثقافية فقط، بل فتحت الطريق أيضًا لمستقبل أفضل للصناعات الإبداعية. وإن نجاح هذا المشروع يعتبر مثالًا ملهمًا على ما يمكن تحقيقه من خلال التعاون والإلتزام والفهم العميق لقوة الثقافة.

بدأ كل من مسرح وسينماتك القصبة ومسرح عناد ومدرسة السيرك الصغير رحلة تحولية بدعم من برنامج ثقافة داير ما يدور، لتؤدي جهودهم التعاونية، المغذاة برؤية مشتركة، إلى إنشاء شبكة وتحالف وطني يضم سبع  مؤسسات نَشطة. لتقف هذه الشبكة كشهادة على التزامهم بتطوير الثقافة وجذب الجماهير وتعزيز الصناعات الإبداعية.

إن النتيجة الأهم لهذا المشروع تتعدى عملية تشكيل التحالف لتشمل تأثير أنشطته العميق على البيئة الثقافية. فقد تناولت هذه المؤسسات، خلال مبادرات متنوعة، احتياجات جماهيرها بنجاح، مما يظهر فهمًا بالغًا لتفضيلاتهم وتوقعاتهم. وكان التناغم مع احتياجات الجماهير  أساسيًا في تطوير برامج تتناسب مع المجتمع، معززًا ارتباطًا أعمق بين الفن وجماهيره.

تمحورت أحد أهم جوانب المشروع حول تعزيز القدرات، حيث عززت مؤسسات التحالف قدراتها التشغيلية من خلال دمج مواردها وخبراتها ومجالات معرفتها المختلفة. وقد أتاح هذا التآزر استخدام الموارد بشكل فعال، مما أدى إلى إنتاجات وفعاليات ذات جودة أفضل. وإن الطبيعة التعاونيّة التي ميّزت الشبكة، سهّلت أيضًا التبادل لأفضل الممارسات، مما كان أمرًا حاسمًا في رفع مستوى عمل جميع المؤسسات. يشكل إنشاء هذه الشبكة الوطنية محطة هامة في المشهد الثقافي للمنطقة. تجاوزت الشبكة الموزّعة جغرافيًا مدى المدن الضيق، لتتسع نحو جمهور أكبر وتضمن تأثير ثقافي أكبر. لم يكن ذاك توسعًا جغرافيًا فقط، ولكن في تنوع المحتوى أيضًا، حيث جمع التحالف بين نسيج غنيّ من التعبيرات والسرديات الفنية المختلفة.

وتجدر الإشارة أيضًا لإنجاز هام آخر لهذا التعاون، ألا وهو الإسهام في مفاهيم وممارسات الصناعات الإبداعية. فقد أصبحت الشبكة نموذجًا لتطوير الثقافة المستدام من خلال إظهار جدوى وتأثير الجهد الجماعي. وأوضحت من خلال عملها أهمية الصناعات الإبداعية كقوة دافعة للاقتصاد وكمقوّم أساسي من مقومات الراحة المجتمعية.

يُعد نجاح المشروع أيضًا انعكاسًا لمرونة هذه المؤسسات وإمكانياتها على التّكيف. فإن قدرتهم على التجمع ثم خلق شيء أكبر من محصّلة أعمالهم في حال كانوا متفرقين تستحق الإعجاب، خصوصًا في مشهد يعاني من قلة الموارد ويقبع تحت وطأة القيود الخارجية. هذا التحالف ليس مجرد شبكة من المؤسسات؛ بل هو صوتٌ موحد ينادي بالتقدم الثقافي ويعبر عن الالتزام الراسخ بالتعبير الفني.