Interconnected in Culture for a Stronger Ecosystem

تمكين القدرات الجماعيّة: الإصدار الثالث من مُحترَف المنظومة الحيويّة في برلين

تاريخ البدء 2023-09-08

تاريخ الانتهاء 2023-09-11

برلين

تمكين القدرات الجماعيّة: الإصدار الثالث من مُحترَف المنظومة الحيويّة في برلين

انطلقت الدورة الثالثة من “مُحترَف المنظومة الحيويّة” مع بداية شهر أيلول/سبتمبر 2023 في برلين، لتبني على النجاحات التي تحققت في الدورتين السابقتين اللتين أقيمتا في عمّان ونويبع المصريّة. ومع استمرار هذه الرحلة الشيّقة من البحث والاستكشاف والتعلّم التعاوني، تمت دعوة مستفيدي برنامج “ثقافة داير ما يدور” من جنوب دول البحر الأبيض المتوسّط ليكونوا جزء من هذه التجربة الحيوية في برلين.

عُقدت الفعاليّة في سايلنت غرين؛ وهي محطّة إبداعيّة وملتقى للفعاليّات تقع داخل المباني التاريخية لمحرقة الجثث السابقة في برلين في منطقة ويدينغ. حيث يعزز هذا الحي الثقافي ذو الإدارة الخاص الاستكشاف الفني متعدد التخصصات، ويضم مجتمعًا نشطًا من المحترفين المبدعين، ويوفر مساحات مرنة للفعاليات، ويسعى جاهدًا لتأسيس نظام بيئي إبداعي مستدام يشرك كلاً من محيطه والمشهد الثقافي العالمي.

امتدّت هذه الدورة لأربعة أيام، صُمِّمَت بتمعّن كسلسلة من تمارين الارشادية التي تعزّز آفاقًا وطُرُق متنوّعة من التعلّم. انغمسنا مع بدء رحلتنا في ما جلبه كل من المشاركين من طاقات وأفكار وأسئلة، حتى تسنت لنا الفرصة لنبدأ بحثنا الجماعي، حيث تعمقنا في تعقيدات هياكل العمل الأفقية والفرق بينها وبين الهياكل الرأسيّة، سعيًا لتفكيكها وتحديد فوائد وتحديات كل منها.

ساهمت كل من سيلفانا نجيب وأولا كوتسكا من مؤسسة زوسا وسامانثا سليد من تعاونية بيركولاب وبافيش باتيل بتيسير الجلسات، وكان كتاب سامانثا سليد “التوجّه الأفقي” مرجعًا أساسيًا للاسترشاد في الحوارات والجلسات المفتوحة.

تمحورت محادثات اليوم الأول الواسعة حول 7 نطاقات في الممارسة العملية شملت؛ الإستقلالية، الغاية، الاجتماعات، الشفافية، إتخاذ القرار، الروابط والخلافات، التعلم والنمو. ودارت النقاشات حول فوائد وتحديات كل من هياكل العمل الأفقية والرأسية، بين 46 مشارك من 14 دولة، فعلى سبيل المثال، المخاوف المتعلقة بالصحة النفسية والنجاح بتأمين نماذج عمل قابلة للتدوير، كانت من أبرز ما ذكر من تحديات.

لعبت النطاقات السبعة المستمدة من الكتاب دورًا جوهريًا في تشكيل النقاشات. فأخذت الاستكشافات الجماعية المتعلقة بمفهوم “الغاية” أشكالًا عمليّة وتفاعلية، حيث كُلّف المشاركين بتعيين غاية جماعيّة. لتحقيق ذلك، طُلب من كل مشارك اختيار عنصر من عناصر الغرفة ليمثل القيم أو المفاهيم التي تنعكس على أشخاصهم، ثم باشروا بالتعبير عن أسباب تلك الاختيارات العشوائية، مثل طاسة الصوت النحاسيّة أو ورق نبتة الميرميّة. تنوعت التفسيرات، فعلى سبيل المثال، بعضهم رأى طاسة الصوت وسيلة للتعبير عن التواصل الجماعي، بينما اعتبرها آخرون أداة للتكيّف. بالمقابل، حملت نبتة الميرميّة دلالاة أخرى بمثابة عنصر للتزيين ورمزاً للاتصال مع الطبيعة. وبعد الانخراط في جولتين متتاليتين واستخدام عناصر مختلفة من الغرفة، مما ساعدنا ذلك بالانغماس تدريجيًا في التمرين وعزز توصلنا لما يمكن دعوته “بالإدراك الكلّي”، توصل المشاركين في الجولة الثالثة لمرحلة امتلكوا فيها غاياتٍ حقيقيّة، متجاوزين الحاجة للتبرير. وقد أوضح هذا التمرين بشكل فعال المواءمة بين الغايات الفردية والجماعية.

تم التركيز على أهمية المراجعة المنتظمة لغايات العمل لتفادي التحديات والخلافات الممكن حدوثها. واعتُبرت الغاية الجماعيّة كقوة مرشدة قادرة على توجيه المنظومة خلال الصعوبات والعرقلات الخارجية، مما يتيح آفاق مستجدة للمقاصد الفردية. مدركين بأن تنوع وجهات النظر كان ضروريًا لمعالجة النواحي المعقدة للغاية الجماعيّة، وتم التشديد على محورية خلق بيئة عمل تحترم المقاصد الفردية.

استكشفت الجلسة أيضًا كيفيات العمل الجماعيّة، وتعمقت بالأخصّ في المسؤوليات ومفاهيم الاستقلالية، ودُفع المشاركين  للتفكير بثلاث كلمات تتعلّق بالاستقلالية. تم البحث في العديد من جوانب العمل التعاوني تضمّنت ممارسات مثل: المتابعة، صناعة القرارات الجماعية باستخدام بروتوكولات القبول أو الرفض، المشاركة في حلقات النقاش، تنسيق اللقاءات وتوثيق الرؤى، وإدارة القدرة والعزم بشكل فعّال.

تم التأكيد خلال الجلسة على أن جوهر التعاون الفعال لا يدور حول محاولة الجميع لعمل كل شيء معًا، وإنما يتوقف على تحقيق الشفافيّة المتعلقة بالأدوار والمسؤوليات المعيّنة لكل شخص. واعتُبر أن تأسيس هياكل عمل خفيفة هو أمر بالغ الأهمية لتنشئة الاستقلالية، خصوصًا في سياق تنظيم الاجتماعات والنواحي الأخرى للإدارة المؤسسيّة. وتم تسليط الضوء على أن غياب هياكل شبيهة قد يزيد من احتمالية حدوث فوضى، وعلى ضرورة اتباع نهج منظم لتشجيع مساعي تعاون ناجحة.

عند تناول موضوع ” الإجتماعات”، أحد نطاقات الممارسة العملية السبعة، تم تقديم بروتوكولاً للاجتماعات ذات الإدارة المشتركة. تضمّن هذا البروتوكول في جوهره المبادرة المشتركة لتحديد غاية ومدة الاجتماع. بالإضافة لذلك، يسمح هذا البروتوكول للأفراد بالتفكير في احتياجاتهم الخاصة ودمجها في أجندة الاجتماع. وحين تمحور النقاش حول آليات الاجتماعات ذات الإدارة المشتركة، استُخلصت الأفكار من تمارين عمليّة تضمّنت الإشتراك في إدارة اجتماعات ضمن أجندة مُحترَف المنظومة الحيويّة.

خلال الجلسة الختامية لليوم الأول، شارك الحاضرين في “تمرين الحافلة” الذي انطلق من منهجية البحث الجماعية من “بادرة التوجه لمستقبل ضد الاستعمار”. شجع هذا التمرين الأفراد على زيادة وعيهم الشخصي واستكشاف ديناميكيات داخلية عادةً ما يتم التغاضي عنها، وكان الهدف هو تعزيز ثقافة تنظيميّة صريحة وشموليّة من خلال حث المشاركين ليكونوا واعين لأصوات الغالبية والأقليّة، وبالتالي خلق مساحة لإبراز نطاق متنوع من الأصوات ووجهات النظر.

تم استعراض ثيمة “التعلم من خلال التجربة” خلال اليومين الثاني والثالث من مُحترَف المنظومة الحيويّة، حيث انتقل التركيز ليكون على صناعة القرار وتقنيّة المساحة المفتوحة. لم يكن الحاضرين خلال هذه الأيام بمثابة مشاركين فقط، بل عملوا أيضًا على تحديد الأجندة، مع دعوة مفتوحة لمشاركة أفكارهم أو التجربة مع ممارسات جديدة اكتُسِبَت من التمارين السابقة. برزت الأسس الإرشادية القائمة عليها تقنية المساحة المفتوحة بشكل كبير، مما ذكّر كل من المشاركين والقائمين على تحديد الأجندة بالمبادئ الضرورية التالية: “حينما تبدأ يكون الوقت المناسب“، “أيًا كان الحضور فهم الناس المناسبين“، “مهما يحدث فهو الشيء الوحيد الممكن حدوثه“، وأهمية قبول اللحظة الراهنة والمشاركة فيها بكل بساطة. دعّمت هذه الأسس قيم المُحترَف لاحتواء العفوية والشموليّة والمشاركة الفاعلة. ومع استمرار المُحترَف بالتطوّر والتكيّف، تُرك الحضور مع تذكير قوي بأن التعلّم والتعاون يزدهران في بيئة يسمو فيها الفضول والرغبة في المشاركة.

ذات الصلة